عدد المساهمات : 540 نقاط : 1641 تاريخ التسجيل : 08/08/2009
موضوع: دعائم العمل الرعوى للأنبا تادرس الجزء الثانى الثلاثاء 1 سبتمبر - 2:21
بعض علامات الحكمة: وفى الرعاية توجد علامات كثيرة للحكمة، نختار بعضها لكى نوضح التطبيق العملى للحكمة فى العمل الرعوى
1. إجادة التعامل مع الناس
من الخطأ أن يتعامل الخادم بأسلوب ثابت مع كل الناس. يجب أن يختار الأسلوب المناسب لكل ســِـن، وجنس، وطبع. وكما قال بولس الرسول: " فصرت لليهود كيهودى . . . و للذين تحت الناموس كأنى تحت الناموس . . للذين بلا ناموس كأنى بلا ناموس . . . . للضعفاء كضعيف . . . صرت للكل كل شئ لأخلــِّـص على كل حال قومًا." (1 كو 20:9-22) فالخادم الحكيم يتكيــَّـف مع الطبيعة مع الاحتفاظ بالعمق مع الله فى كل شئ.
2. اللباقة فى الكلام والتصرف
الخادم يجب أن يعرف كيف يتكلم وكيف يعلم التعليم الصحيح وأن يختار المدخل المناسب. عندما ذهب بولس الرسول إلى "أثينا"، دخل اليها من مدخل الإلـَـه المجهول. وعندما صرخ الإسكافى: "يا الله الواحد!"، انتهزمرقص الرسول الفرصة لأن يبشره بالإله الواحد.
3. حسن انتهاز الفرص
إذا جاءت فرصة لكسب نفس للمسيح فى أثناء رحلة أو جولة، فانتهزها ولا تتركها.
4. التوقيت المناسب
لكل عمل وقته المناسب؛ فللصلاة وقت، وللإفتقاد وقت آخر. إن حسن اختيار الوقت المناسب يساعد على نجاح العمل الرعوى.
5. حسن الجمع بين المتناقضات
يجب أن يجيد الخادم الجمع بين المتناقضات، "فرحــًـا مع الفرحين، وبكاءًا مع الباكين." وعلى سبيل المثال، فهو قادر أن يجمع بين عدة مشاعر متناقضة، بينها:
?أ. الفرح والحزن: يتمتع الخادم بسلام وفرح داخليين فى صلواته، ومزاميره، وميطانياته، وقدَّاساته. وهو أيضًا يشعر بالحزن على الخطاة، والأشرار، والنفوس التى هلكت.
?ب. الإحساس بالمسئولية وعدم القلق: إذا قلق الخادم بسبب إحساسه بالمسئولية فقد يصل الأمر إلى إصابته بالأمراض الجسدية، لكن الحكمة التى يعطيها الله إياه تذكــِّـره بأن مشاكل الرعاية بين يدَى من لا يغفل ولا ينام.
?ج. طول الأناة والحماس: قد يتعــَّـين على الخادم أن يكون طويل الأناة عندما يستدعى الموقف ذلك. وفى بعض الأحيان، فإن التأجيل قد يكون مضرّا. الخادم الحكيم هو مــَـن يستطيع أن يفرِّق بين هذا وذاك، ويعرف متــَى يسرع ومتى يتأنـَــى ليعمل كل عمل فى حينه.
?د. الأبوة والقيادة والرئاسة: لابد للراعى من أن يسلك كأب، لكن فى نفس الوقت يحمل روح الرئاسة فلا يسكت على خطأ قائم. وهو يعرف متى يستعمل السلطة الرئاسية ("بيتى بيت الصلاة يدعى." مت 13:21) ومتى يستعمل حنان الأبوة ("أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستى." مت 18:16)
?ه. الحب والحزم: فى العمل الرعوى ينبغى أن بقدم الحب لكل إنسان؛ لكل المحتاجين. ولكن نحتاج للحزم عندما يوجد خطر يهدد الكنيسة، فالسيد المسيح الذى قال لبطرس الرســـول: "أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستى." (مت 18:16) هو الذى قال لبطرس نفسه: "إذهب عنى ياشيطان. أنت معثرة لى." (مت 23:16)
?و. الخدمة والخلوة: يحتاج الخادم دائمًا إلى وقت للخلوة، ولا يتعارض هذا مع وقت الخدمة والرعاية.
?ز. الصلاة والعمل: الحكمة تقود الخادم ليعرف متى يغلق بابه ويتفرغ للصلاة، ومتى يخرج للخدمة والعمل الرعوى.
?ح. البساطة والعمق: البساطة لا تعنى السطحية، والعمق لا يعنى المكر أو الخبث. إن البساطة المسيحية فى الحكمة، والعمق فى الإيمان والعلاقة الله.
?ط. الرحمة والعدل: إن الــهنا رحيم وعادل، وهو يعلمنا أن للرحمة وقت وللعدل وقت آخر. والحكمة هى أن نختار الوقت المناسب لكل منهما.
?ي. السلام والنشاط: الخادم الحكيم يجمع بين السلام الداخلى واهتمامه بالخدمة واحتياجاتها بدون أن يفقد سلامه.
أخيرًا ياأحبائى نتذكر قول الوحى الإلـَهىعلى لسان يعقوب الرسول: "من هو حكيم و عالم بينكم فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة" (يع 13:3) فالذى يسلك فى الحكمة يسلك فى النور، والذى يسلك فى الجهل يسلك فى الظلام. والذى يسلك فى الظلام هو أعمى، وإن قاد الأعمى أعمى فكلاهما يسقطان فى حفرة.
ثالثا: الإتضاع: طلب رب المجد أن نتعلم منه الاتضاع بقوله: "تعلموا منى لانى وديع و متواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم." (مت 29:11) وقد قدم مثالا عمليًا فى الإتضاع فى خدمة غسل الأرجل. وهو علمنا أن ابن الإنسان جاء ليــَــخدِم ويبذل نفسه فدية عن آخرين من المرضى والحزانـَـى المحتاجين. وهو الذى شَـفـَــى مجنون أعمى أخرس، ثم قيل عنه أنه مجنون. لم يطلب كلمة شكر، ولم ينتظرها، مقدِمًا مثالاً فى الإتضاع. والإنسان المتضع لا يطلب كرامة لنفسه، عملا بقول الرب: "مجدًا من الناس لست أقبل." (يو 41:5) وفى رحلة الصليب قيل عنه: "كشاة تساق إلى الذبح." (أش 53:7، أع 32: وهو لم يتذمر من آلام الصليب، وكذلك الخادم لا يتذمر من ثقل الخدمة، ولكن يقبل آلام الخدمة باتضاع حتى يسمع ما قاله السيد المسيح للأنبا بيشوى: "كـَـفاك تعبـــًا ياحبيبى بيشوى."
وفى اتضاعه، ينسب الله أعماله إلى البشر؛ فــناموسه أصبح "ناموس موسى". وهو الذى علمنا أن "مــَـن أراد أن يصير فيكم عظيمـًا يكون لكم خادمــًا." (مر 43:10) فالعظمة ليست فى المراكز، ولكن فى أن نأخذ بركة خدمة أولاد الله.
مفهوم الإتضاع: 1. الوداعة فى المعاملة
كان السيد المسيح وديعــًا فى معاملته مع المرأة السامرية. لم يكن عنيفــًا ولا قاسيـــًا فى كلامه ولا حتى مع مـَـن شــَـتـَموه وعيـَّـرُوه، بل كان يرد عليهم فى وداعة.
2. عـَـدم التسرُّع
الإنسان المتضع لا يتسرع فى اتخاذ قرارته، بل "ليكن كل إنسان مسرعـــًا فى الاستماع مبطئـــا فى التكلم مبطئا فى الغضب." (يع 19:1)
3. عـَـدم الانتقام
إذا أهـِــين الخادم من أحد المخدومين وحاول أن يرد الإهانة، فهو يفقد هدوئه، ووداعته، واتضاعه. لا تنتقم لنفسك، بل قل: "من أجلك نــُــمات كل النهار." (مز 22:44، رو 36:
4. قــَـمع الذات
الإنسان المتــَّــضِع يقمع ذاته ولا يتذمر على شئ. هناك مــَــن يشكر الله فى الظروف الحسنة، لكن عندما تصبح الأوضاع غير مواتية، يتغيــَّـر، ويتذمـَّـر ويفقد هدوئه وسلامه. تذكــَّـر أن الله أخرَج شعب إسرائيل من أرض العبودية، لكن عندما تذمــَّـروا، حرَمــَـهم من دخول أرض الموعد. الخادم الحقيقى يقمع ذاته ويتحكــَّـم فى نفسه. وهو يحمل الصليب بفرح، عارفــًا أنه "إن أراد أحد أن يأتى ورائى، فلينكر نفسه و يحمل صليبه و يتبعنى." (مت 24:16، مر 34:8، لو 23:9)
5. عدم الإدانة
ما أكثر ما يقع الخادم فى خطيــَّــة الإدانة ويفقد سلامه. إن الإدانة هى ضربــَـة كبرياء، وكثيرا ما تتضمـَّــن تعــدِّى على وجود الله؛ فمـَــن أنت أيها الإنسان حتى تدين الآخرين؟ من منكم بلا خطية؟ من أقامك قاضيــًا؟ إذا لم تقل كلامـًا حسنـًا، فلا تقل كلامـًا رديئـًا، لأن هذا يقودك إلى الإدانة.
6. لا يطلب ما لنفسه
الإنسان المتضع لا يفكـِّـر فى كرامته ولا وقته، لكنه بيحث عن الآخرين. الخادم لا يشفق على نفسه، بل يتعب ليربح الآخرين، ولا يسمح لنفسه أن يستريح ليتعب الناس. الراعى الحقيقى لا يعتبر نفسه رئيسـًا أو متسلـِّـطًا، لذلك يصلـِّى القديس أغـُسْــطـِـينوس: "أذكر يارب سادَتى عبيدك." وإذا كنـَّـا ندعو الفقراء "إخوة الرب" فلابد أن نعطيهم الكرامة التى تليق بهذا الاسم. إنه هو نفسه الذى قال: "وبــِّـخ، انتهر، عـِـظ"، وقال: "بكل أناة وتعليم." (2تى 2:4) ومن تعاليم البابا شنودة الثالث للكـَـهـَنة: "كن أبــًا وسط أخوتك، وأخــًا وسط أولادك."
إن الناس لا يستريحون لمـَـن يكلــِّمهم بكبرياء أو تعالِـى، لأن الراعى الحقيقى لا يتكبر فى مظهره، ولا فى كلامه، ولا بعمله، ولا بروحانياته.
علامات الكبرياء: لا يشعر بعض الخدام بأن سلوكهم قد يشير إلى الكبرياء. إلا أن وجود بعض الظواهر قد يشير إلى إحساس الخادم بالكبرياء حتى لو لم يكن الخادم نفسه يفطن لذلك. ومن هذه الظواهر: