عدد المساهمات : 540 نقاط : 1641 تاريخ التسجيل : 08/08/2009
موضوع: الجنس والحياة المسيحية الجمعة 11 سبتمبر - 21:53
الحنس والحياه الزوجيه
نحن نعيش في عالم يكاد لا يمّر فيه يوم إلاّ ويقال شئاً عن الجنس والحب عبر وسائل الإعلان والإعلام والثقافة، من تلفزيون وسينما وفيديو وأنترنيت، ومجلات وكتب وصحف، ألخ. الكّل يريد أن يساعد الإنسان على التحرّر والوصول إلى الحقيقة والتوازن في هذا المضمار. أمّا هذا الأخير فلشدّة ما يسمع ويرى تختلط عليه الأمور أحياناً وبدل أن يكون سيّد موقفه يصبح فريسة أراء ومسلكيات وعادات وتقاليد جماعية تمارس عليه ضغوطاً نفسية وإجتماعية تحجب قدرته على التمييز وتجبره على مواكبتها خوفاً من إضطهاد أو تهميش أو اتهام ينعته بالمتأخر والتقليدي والأبله، أو تقوده إلى الإنغلاق على ذاته وإلى موقف المدافع المتزمت. مما لا شك فيه أن الرباط وثيق بين الحضارة والجنس. في الأمس القريب كانت الخصوبة مفضّلة بسبب إعتبار الأولاد كقوّة إقتصادية للعائلة، ومنع العلاقات الجنسية خارج الزواج خوفاً من الحبل، وعدم خلقية العادة السرّية خوفاً من الأمراض الجسدية. هذه الخلقية المتشددة كانت مرتبطة إلى حدّ كبير بمجتمع رأسمالي وقمعي. لكن ثورة 1968 قادت هذا العالم إلى إنفجار جنسي بارز. فالرغبة في الإستقلال السياسي صار متعلقاً بإرادة الحرية الجنسية؛ والمجتمع الإستهلاكي حيث كل شيء جاهز، شجع العلاقات التي لا غد لها، الحب السريع، الحب البارد. ويمكن القول نفس الشيء عن إرتباط الجنس بالثقافة والعمل والوضع الإجتماعي وتطوّر أو تخلّف البيئة والعائلة، ألخ. والنتيجة، صار كلُ شيء مشرّعاً ومسموحاً تحت شعار الحرّية الجنسية، حتى صار الجنس إله وعبادته أمر طبيعي. هذا "التحرر" قاد تدريجياً إلى عقلية رافضة للعودة إلى الله كمرجع أساسي للعمل الخلقي الجنسي، وإلى إعتبار الحب "فعل" والعزوبية والوحدة مدمرّة للشخص البشري. كل هذا التطور يجعل السؤال مطروحاً بحدّة عن معنى الجنس الحقيقي وارتباطه بالحب والزواج والعزوبية.أمام هذا الواقع، لا بد لللاهوت الخلقي من أن يعلن موقفه، الذي هو أبعد ما يكون موقفاً رافض فيه من ما فيه من القمع والإلزام أو التقوقع والتحفّظ، بل هو موقف دارس ومحللّ وباحث لا يقبل بعرض حقيقة ما إلاّ وقد أشبعها تدقيقاً وتفنيداً ودراسةً ومرجعيةً، لكي يقدّم للإنسان حقيقةً تبني، وحقيقةً تُحرّر. بالرغم من ذلك، نرى موقفان أساسيان في اللاهوت الخلقي من الخلقية الجنسية : الموقف المحافظ والموقف المجدّد. الموقف المحافظ يبدي تعلّقاً أعمى بكل ما يقوله التقليد، ولا يأخذ بعين الإعتبار التطور الخلقي الجنسي في قلب الكنيسة، ويعتبر أن موقف الكنيسة يثبت الحقيقة إلى الأبد وبالتالي يرفض التطور، فيحكم على التطور، ويملي على المؤمنين مواقف وشرائع دون تنشئتهم ودون بعد تربوي، والأخطر من ذلك كلّه هو في تسخير كلمة الله لخدمة مواقفه. أما الموقف المجدّد فيهتم لأن تصل كلمة الله الحيّة إلى إنسان اليوم. لذلك يبقى دعاته منفتحين بتفكيرهم على كل ما تقدّمه العلوم الإنسانية خاصة علم النفس والبيولوجيا وعلم الوراثة والإجتماع والأنتربولوجيا، وتمحيصها على نور الإيمان للوصول إلى عرض الحقيقة الجنسية بطريقة مقنعة. موقفان مختلفان يحملان فيما يحملان أموراً عظيمة وأخرى خطيرة، واللاهوتي الخلقي المتزن هو الذي يعرف كيف يوازن بين الإثنين. فيعيد طرح السؤال حول المبادئ والأسس، التي بنت عليها السلطة الكنيسة في وقتها موقفها من هذا الموضوع أو ذاك من الجنس، ويحاول على ضؤ إختبار الإيمان اليوم والمعرفة العلمية أن يمحّص كل شيء ليحافظ على ما هو جيد ويبني (1تسا 5 :21). من هنا، يمكن القول بأن غاية دراستنا هي السعي إلى إبراز المعنى المسيحي الحقيقي للجنس، وتقديم شرح مسيحي علمي له، وتحديد دور الإيمان في فهم هذه الحقيقة. بعد ذلك نعمل في بحثنا اللاهوتي على شرح معاني الحياة الجنسية وأبعادها، بغية تحديد الموقف والعمل الخلقي المسيحي الحق في هذا المضمار. لذلك أمانةً لإيماننا بالله والكنيسة والإنسان، سنستند في هذه الدراسة إلى تعليم الكنيسة والعلوم اللاهوتية والفلسفية والإنسانية.
(ادخلوا من الباب الضيق لانة واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي الي الهلاك وكثيروم هم الذين يدخلون منة)